بواكير الصراع بين مؤيدي الشريعة والعلمانية
د. كمال حبيب
12 - 12 - 2007
كان من أبرز العلماء الأثبات الذين قاوموا هذه الطائفة وحاجوها وجادلوها حتي قطعوا دابرها شيخ الإسلام بن تيمية وتلميذه ابن القيم وسلطان العلماء العز بن عبد السلام الذي ألف كتابه المهم "القواعد"فالداعون للشريعة يتعرضون للسجن والاضطهاد والقتل عندما استطاع تيار التغريب السبطرة علي السلطة كما حدث في تركيا ومصر وأندونسيا وغيرهاالمرة الأولي في تاريخ الإسلام الذي حدث فيها ما يمكن أن نطلق عليه تنازعاً بين العلماء الثقات المؤيدين للشريعة والقائلين بصلاحيتها كشريعة عامة تحكم حياة الناس كنظام كامل من البدء إلي المنتهى ومن الأولى إلي الآخرة وبين أولئك العلماء الذين ظنوا أن الشريعة قاصرة عن الاستجابة لأجوبة الحياة المستجدة والتي كان الحكام يستفتونها فيها ويسألونهم عنها ومن ثم جوزوا لهم الاستعانة بنظم من خارجها لجبر تقصيرها، هذا في الواقع كان أول مرة وفق علمي يتم فيها الاحتكام إلي نظام خارج الشريعة اعتقاداً أنها غير قادرة علي الاستجابة للمستجدات والأسئلة التي تطرحها إدارة الناس وسياستهم وتدبير شئونهم .
كان من أبرز العلماء الأثبات الذين قاوموا هذه الطائفة وحاجوها وجادلوها حتي قطعوا دابرها شيخ الإسلام بن تيمية وتلميذه ابن القيم وسلطان العلماء العز بن عبد السلام الذي ألف كتابه المهم "القواعد" في الأصول وأيضاً الإمام بن كثير والإمام النووي والإمام الذهبي ومن بعدهم الإمام الشوكاني وإلي هؤلاء ينتمي الاتجاه المعاصر من أبناء الحركة الإسلامية الذي يدعون إلي تطبيق الشريعة الإسلامية باعتبارها قادرة علي حل كل مشاكلنا.
كان مجئ التتار إلي العالم الإسلامي وإسقاطهم الخلافة الإسلامية ثم دخولهم الإسلام دون أن يعرفوا أحكامه ويعطوا لشريعته قدرها من الفهم والاحترام حدثاً جللاً وخطيراً، ولكنه بقدر ما ممثل تحدياً للعالم الإسلامي علي مستوي الهوية والاستقرار السياسي فقد استجابت الأمة لمقاومة تلك الهجمة علي المستوي العسكري فهزمت التتار والصليبيين بقيادة تحالف العلماء الثقات والحكام المماليك في هذه الحقبة، وسوف نلاحظ أن تيار التجديد الشرعي والفقهي قد اشتد وقوي وأسس لبناء متين في الفقه والعقيدة والأخلاق والأصول واللغة والاجتهاد وهذه المدرسة التجديدية التي تأسست في القرن الثامن الهجري ومابعده هي التي أرست لمدارس التجديد الإسلا مي التي جاءت من بعدها .
المرة الثانية تعود لمنتصف القرن التاسع عشر حيث نما تيار داخل الدولة العثمانية التي كانت دولة الخلاقة يعتقد أن النموذج الغربي هو النموذج الأفضل والواجب الاحتذاء لإخراج الدولة من أزمتها العسكرية أولا ثم الإدارية والسياسية ، وفي هذه المرة كان هناك صراع حقيقي بين الموالين للنموذج الغربي والمؤيدين للشريعة الإسلامية ، لكنه هذه المرة كان صراعاً داخل النخب الحاكمة التي تعددت فيه الأدوات ومنها التعليم الغربي والسفارات الغربية و مطالعة التقارير الغربية وشهد هذا الصراع تدخل القوي العظمي الكونية في هذه الحقبة للتأثير علي توجهات الدولة العثمانية ودعم الاتجاه الداعي للتغريب أي أن الصراع لم يعد داخليا في إطار الثقافة الواحدة ولكن دخل علي الخط القوي الدولية لدعم رجالها والطابور الخامس الذي رعته داخل الدولة حتي اخترق أخطر مراكز صناعة القرار فيها ، ومن هذا الوقت فإن الصراع حول الشريعة لم يعد صراعاً بين نخب محلية في الداخل وإنما أصبح صراعاً ذا طابع كوني يهم مراكز صناعة القرار في العواصم الكبري
الصراع في المرة الأولي كان بين علماء لهم نفس الثقافة والمرجعية ولكن تيار جاهل وغير واع ومهزوم أمام التتار هو الذي توهم أن الشريعة بحاجة لقوانين من خارجها لإدارة السياسة ، أما في المرة الثانية فإن الذين تبنوا الرؤية الغربية كانوا علي وعي وعلم بمهمتهم وكانوا يعرفون جيداً ماذا يفعلون ويدبرون ، سوف يصبح الصراع بين هذين الاتجاهين هو السائد حتى مجئ كمال أتاتورك إلي السلطة في دولة الخلافة وإعلانه إلغاؤها عام 1924م ولايزال الصراع بين هذين التيارين قائم حتي اليوم في تركيا ومصر والعالم ا لإسلامي كله ، اتجاه يؤمن بكفاية الشريعة وتمامها وهو اتجاه الأصالة الإسلامي واتجاه آخر يؤمن أن الخلاص في استلهام القيم الغربية وهو اتجاه التقليد ومحاكاة الغرب ( التغريب والحداثة ) نذكر من بين الأسماء التي مثلت الاتجاه الإسلامي المؤيد للشريعة إبان بواكير هذا الصراع في الدولة العثمانية العالم الجليل والقاضي الفقيه المتمكن أحمد جودت باشا ( 1822-1895) والشيخ عاطف الاسكليبي (1876-1926) وأحمد نعيم بابان زاده (1876-1934م ) والشيخ محمد عاكف أرصوي (1873-1936م ) والشيخ بديع الزمان النورسي (1876-1960) أما الاتجاه التغريبي والحداثي المقلد لقيم الغرب وتقاليده فيمثله فؤاد باشا(1815-1869م ) الذي كان صديقاً لفرنسا وإنجلترا وتولي الصدارة العظمي مرتين ودرس الطب والعسكرية والتحق بدائرة الترجمة للباب العالي ( مجلس الوزراء العثماني )كما يمثله مدحت باشا(1822-1885م ) الذي تولي الصدارة العظمي مرتين والذي كان عميلاً للإنجليز وحكم عليه بالإعدام .
عندما نلاحظ خط الصراع بين الداعين للشريعة وحكمها وبين الداعين للغرب وتقاليده ونظمه وقيمه نجد أنه يتمثل الخط الأساسي الذي بدأت به البواكير ، فالداعون للشريعة يتعرضون للسجن والاضطهاد والقتل عندما استطاع تيار التغريب السبطرة علي السلطة كما حدث في تركيا ومصر وأندونسيا وغيرها من بلدان العالم الإسلامي ، والمطالبون بتمثل قيم الغرب يتم دعمهم من قوي عالمية وكونية وهم وإن أطلقوا علي أنفسهم ليبراليين ولكنهم في الواقع تبع لكمال أتاتورك العلماني الفاشي ، فهم يدعون الحرية والديموقراطية حين تكون حرية التطاول علي الشريعة ويتحدثون عن الديموقراطية وتداول السلطة حين تكون أداة لمنع دعاة الشريعة من الوصول إلي السلطة أو التواصل مع الناس والجماهير .
خاص بموقع لواء الشريعة
د. كمال حبيب
12 - 12 - 2007
كان من أبرز العلماء الأثبات الذين قاوموا هذه الطائفة وحاجوها وجادلوها حتي قطعوا دابرها شيخ الإسلام بن تيمية وتلميذه ابن القيم وسلطان العلماء العز بن عبد السلام الذي ألف كتابه المهم "القواعد"فالداعون للشريعة يتعرضون للسجن والاضطهاد والقتل عندما استطاع تيار التغريب السبطرة علي السلطة كما حدث في تركيا ومصر وأندونسيا وغيرهاالمرة الأولي في تاريخ الإسلام الذي حدث فيها ما يمكن أن نطلق عليه تنازعاً بين العلماء الثقات المؤيدين للشريعة والقائلين بصلاحيتها كشريعة عامة تحكم حياة الناس كنظام كامل من البدء إلي المنتهى ومن الأولى إلي الآخرة وبين أولئك العلماء الذين ظنوا أن الشريعة قاصرة عن الاستجابة لأجوبة الحياة المستجدة والتي كان الحكام يستفتونها فيها ويسألونهم عنها ومن ثم جوزوا لهم الاستعانة بنظم من خارجها لجبر تقصيرها، هذا في الواقع كان أول مرة وفق علمي يتم فيها الاحتكام إلي نظام خارج الشريعة اعتقاداً أنها غير قادرة علي الاستجابة للمستجدات والأسئلة التي تطرحها إدارة الناس وسياستهم وتدبير شئونهم .
كان من أبرز العلماء الأثبات الذين قاوموا هذه الطائفة وحاجوها وجادلوها حتي قطعوا دابرها شيخ الإسلام بن تيمية وتلميذه ابن القيم وسلطان العلماء العز بن عبد السلام الذي ألف كتابه المهم "القواعد" في الأصول وأيضاً الإمام بن كثير والإمام النووي والإمام الذهبي ومن بعدهم الإمام الشوكاني وإلي هؤلاء ينتمي الاتجاه المعاصر من أبناء الحركة الإسلامية الذي يدعون إلي تطبيق الشريعة الإسلامية باعتبارها قادرة علي حل كل مشاكلنا.
كان مجئ التتار إلي العالم الإسلامي وإسقاطهم الخلافة الإسلامية ثم دخولهم الإسلام دون أن يعرفوا أحكامه ويعطوا لشريعته قدرها من الفهم والاحترام حدثاً جللاً وخطيراً، ولكنه بقدر ما ممثل تحدياً للعالم الإسلامي علي مستوي الهوية والاستقرار السياسي فقد استجابت الأمة لمقاومة تلك الهجمة علي المستوي العسكري فهزمت التتار والصليبيين بقيادة تحالف العلماء الثقات والحكام المماليك في هذه الحقبة، وسوف نلاحظ أن تيار التجديد الشرعي والفقهي قد اشتد وقوي وأسس لبناء متين في الفقه والعقيدة والأخلاق والأصول واللغة والاجتهاد وهذه المدرسة التجديدية التي تأسست في القرن الثامن الهجري ومابعده هي التي أرست لمدارس التجديد الإسلا مي التي جاءت من بعدها .
المرة الثانية تعود لمنتصف القرن التاسع عشر حيث نما تيار داخل الدولة العثمانية التي كانت دولة الخلاقة يعتقد أن النموذج الغربي هو النموذج الأفضل والواجب الاحتذاء لإخراج الدولة من أزمتها العسكرية أولا ثم الإدارية والسياسية ، وفي هذه المرة كان هناك صراع حقيقي بين الموالين للنموذج الغربي والمؤيدين للشريعة الإسلامية ، لكنه هذه المرة كان صراعاً داخل النخب الحاكمة التي تعددت فيه الأدوات ومنها التعليم الغربي والسفارات الغربية و مطالعة التقارير الغربية وشهد هذا الصراع تدخل القوي العظمي الكونية في هذه الحقبة للتأثير علي توجهات الدولة العثمانية ودعم الاتجاه الداعي للتغريب أي أن الصراع لم يعد داخليا في إطار الثقافة الواحدة ولكن دخل علي الخط القوي الدولية لدعم رجالها والطابور الخامس الذي رعته داخل الدولة حتي اخترق أخطر مراكز صناعة القرار فيها ، ومن هذا الوقت فإن الصراع حول الشريعة لم يعد صراعاً بين نخب محلية في الداخل وإنما أصبح صراعاً ذا طابع كوني يهم مراكز صناعة القرار في العواصم الكبري
الصراع في المرة الأولي كان بين علماء لهم نفس الثقافة والمرجعية ولكن تيار جاهل وغير واع ومهزوم أمام التتار هو الذي توهم أن الشريعة بحاجة لقوانين من خارجها لإدارة السياسة ، أما في المرة الثانية فإن الذين تبنوا الرؤية الغربية كانوا علي وعي وعلم بمهمتهم وكانوا يعرفون جيداً ماذا يفعلون ويدبرون ، سوف يصبح الصراع بين هذين الاتجاهين هو السائد حتى مجئ كمال أتاتورك إلي السلطة في دولة الخلافة وإعلانه إلغاؤها عام 1924م ولايزال الصراع بين هذين التيارين قائم حتي اليوم في تركيا ومصر والعالم ا لإسلامي كله ، اتجاه يؤمن بكفاية الشريعة وتمامها وهو اتجاه الأصالة الإسلامي واتجاه آخر يؤمن أن الخلاص في استلهام القيم الغربية وهو اتجاه التقليد ومحاكاة الغرب ( التغريب والحداثة ) نذكر من بين الأسماء التي مثلت الاتجاه الإسلامي المؤيد للشريعة إبان بواكير هذا الصراع في الدولة العثمانية العالم الجليل والقاضي الفقيه المتمكن أحمد جودت باشا ( 1822-1895) والشيخ عاطف الاسكليبي (1876-1926) وأحمد نعيم بابان زاده (1876-1934م ) والشيخ محمد عاكف أرصوي (1873-1936م ) والشيخ بديع الزمان النورسي (1876-1960) أما الاتجاه التغريبي والحداثي المقلد لقيم الغرب وتقاليده فيمثله فؤاد باشا(1815-1869م ) الذي كان صديقاً لفرنسا وإنجلترا وتولي الصدارة العظمي مرتين ودرس الطب والعسكرية والتحق بدائرة الترجمة للباب العالي ( مجلس الوزراء العثماني )كما يمثله مدحت باشا(1822-1885م ) الذي تولي الصدارة العظمي مرتين والذي كان عميلاً للإنجليز وحكم عليه بالإعدام .
عندما نلاحظ خط الصراع بين الداعين للشريعة وحكمها وبين الداعين للغرب وتقاليده ونظمه وقيمه نجد أنه يتمثل الخط الأساسي الذي بدأت به البواكير ، فالداعون للشريعة يتعرضون للسجن والاضطهاد والقتل عندما استطاع تيار التغريب السبطرة علي السلطة كما حدث في تركيا ومصر وأندونسيا وغيرها من بلدان العالم الإسلامي ، والمطالبون بتمثل قيم الغرب يتم دعمهم من قوي عالمية وكونية وهم وإن أطلقوا علي أنفسهم ليبراليين ولكنهم في الواقع تبع لكمال أتاتورك العلماني الفاشي ، فهم يدعون الحرية والديموقراطية حين تكون حرية التطاول علي الشريعة ويتحدثون عن الديموقراطية وتداول السلطة حين تكون أداة لمنع دعاة الشريعة من الوصول إلي السلطة أو التواصل مع الناس والجماهير .
خاص بموقع لواء الشريعة
الأربعاء أغسطس 13, 2008 2:56 pm من طرف alimohamad
» أعترافات القس جيروم بتحريم الكتاب المقدس
السبت مايو 10, 2008 4:58 pm من طرف alimohamad
» جميع مناضرات شيخ الإسلام أحمد ديدات Qualite DVD للتحميل
الجمعة أبريل 11, 2008 6:58 pm من طرف alimohamad
» قبسات و نسمات من قناة الناس ** فيديـــو جودة عاليــة
الجمعة أبريل 11, 2008 5:52 pm من طرف alimohamad
» برنامج أمراض الأمة
الجمعة أبريل 11, 2008 3:43 pm من طرف alimohamad
» التدخيـن
الخميس مارس 20, 2008 10:44 am من طرف alimohamad
» التهاب المسالك البولية
الخميس مارس 20, 2008 10:40 am من طرف alimohamad
» حوار مع الشيطان
الإثنين مارس 17, 2008 6:06 pm من طرف alimohamad
» برنامج احداث النــهــايـــة للشيـــخ محمد حســـــــان
الإثنين مارس 17, 2008 5:39 pm من طرف alimohamad
» ذكرى سبتمبر: أمريكا بعد ستة أعوام
الخميس مارس 13, 2008 4:42 pm من طرف alimohamad
» مجموعة فلاشات اسلامية معبرة
الخميس يناير 31, 2008 7:46 am من طرف مدير ملتقى مع الله
» وجدي غنيم ...... في ضمير المسلمين
الأحد يناير 06, 2008 1:07 pm من طرف pirate87
» شروط الحجاب الشرعي
الإثنين ديسمبر 31, 2007 4:27 am من طرف محب الرسول
» قضية : تأخير الزواج ، مع الدعاة
الخميس ديسمبر 20, 2007 5:10 am من طرف alimohamad
» بواكير الصراع بين مؤيدي الشريعة والعلمانية
الثلاثاء ديسمبر 18, 2007 3:17 pm من طرف alimohamad
» الحجاب ......والغرب المتحضر
الثلاثاء ديسمبر 18, 2007 3:09 pm من طرف alimohamad
» برنامج لا تنسَ ذكر الله
الأحد ديسمبر 16, 2007 1:38 pm من طرف hanane
» إحصائيات خطيرة حول التنصير
الإثنين ديسمبر 10, 2007 1:28 pm من طرف alimohamad
» احدر من خاتمتك
الإثنين ديسمبر 10, 2007 12:03 pm من طرف alimohamad
» سورة البقرة
الجمعة ديسمبر 07, 2007 12:53 pm من طرف alimohamad